”جازية” الهلالية المتمردة.. أول فريق لتصوير بنات الصعيد
الأكثر مشاهدة
في قنا لا يتقبل المجتمع جلسات تصوير الفتيات في الأفراح أو المناسبات التي تخصهن، خاصة وأن المصور "رجل"، وكثيرات حلمن أن يتم تصويرهن ليلة الزفاف، لتوثيق لحظات الاستعداد للظهور بطلة بيضاء على الأحباب والأقارب في ليلة العمر، ولكن لم تتح لهن الفرصة لفعل ذلك، لأن المصورين في المحافظة الجنوبية "رجال".
في يوم مولد عبد الرحيم القنائي، في 11 مايو الماضي، اتفقت ميريت أمين وزميلتها سمر شومان، الصحفيتان بمؤسسة ولاد البلد، على إقامة أول فعالية لتصوير البنات فقط وبشكل مجاني، وبسبب الازدحام المروري في هذا اليوم، لم تتمكن كثير من الفتيات الحضور، مما جعل ميريت تصاب بالإحباط، ولكن سمر تأكدت أن الفكرة لن تنتهي بمجرد انتهاء اليوم.
كونهن بنات قنا، ويعلمن جيدا رغبة فتيات كثر في توثيق ذكرياتهن مع صديقاتهن، أو الاحتفاء بلحظات الزفاف والاستعداد له، ولكن يمنعهن أن أغلب المصورين في المحافظة رجال، فأدركت ميريت وسمر أن إطلاق مشروع لتصوير البنات فقط سيلقى ترحابا لديهن، فاتفقتا على "جازية للتصوير".
الاسم جاء من السيرة الهلالية، التي يعرفها عن ظهر قلب كل صعيدي قنائي تخطى عمره الأربعين، فأرادت ميريت أن تُحيي السيرة مرة أخرى في نفوس الشباب، وتجعل من الاسم مثار للتساؤل لدى كل من يسمع به أو يراه، فينتشر المشروع، وتعاد السيرة مرة أخرى ليعرف الجميع "جازية الهلالية" أخت السلطان حسن بن سرحان وزوجة الهاشمي الشريف شكر بن أبي الفتوح صاحب الحجاز، ذائعة الصيت وصاحبة الحسن والكمال، التي اشتهرت بفصاحة المقال وقوة الشخصية، وكلن لها "ربع المشورة" في شئون القبيلة وتدبير أمور السياسة، سيدة متمردة استطاعت أن تساعد أبو زيد الهلالي على اقتحام سور القيروان.
بدأت سيرة "جازية" الشخصية والمشروع تنتشر في الصعيد، فطلبهن الفتيات للتمتع بجلسة تصوير مع الأصدقاء للذكرى، وتحمس لهن الرجال، ووجدوا فيهن فرصة مناسبة ليحصل الرجل على صورة أو جلسة تصوير مع زوجته، أو بصحبة خطيبته دون أن يشعر بالضيق أو الحرج لأن المصور "رجل"، وتراعي ميريت وسمر رغبات البنات ويطلعهن على الصور كاملة ويحصلن منهن على الموافقة قبل عرضها على صفحة المشروع على فيسبوك.
لا تملك ميريت وسمر كاميرا خاصة، وكل جلسات التصوير التي أقمنها كانت باستخدام كاميرا مستعارة من أحد الأصدقاء أو تأجير واحدة، ورغم ذلك يقدمن جلسات التصوير بأسعار رمزية، وعلى استعداد كامل لتصوير غير القادرات دون أي أجر.
"إن كان على الفلوس، فإحنا بنشتغل ومعانا، الهدف هو إسعاد الناس" تلك قناعة ميريت، وتتفق معها سمر التي تحلم أن يكون لـ "جازية" فرع في كل محافظات الصعيد من المنيا وحتى أسوان، فالفكرة بدأت تجذب فتيات أخريات يرغبن في تعلم التصوير والعمل معهن.
بعد انتشار الفكرة، بدأت المواقع والصحف وقنوات التلفزيون تحتفي بـ "جازية للتصوير"، ويعتبرن أنه مشروع للتمرد على طبيعة المجتمع الصعيدي المنغلقة، وفرصة لظهور بنات الجنوب بصورة مغايرة غير التي تم ترسيخها في الأذهان، فظهرن بابتسامة وقدرة على صناعة مستقبل يخصهن، وقادرات على تحطيم وكسر الصورة النمطية.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٦ يوليو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا